تقارير

تزايد حجم القروض غير المسددة لبنوك الخليج مع هبوط أسعار #النفط

أعلن أكثر من ثلثي بنوك الخليج زيادة في حجم القروض غير المسددة في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة ومن المرجح أن تتزايد حالات التخلف عن السداد مع اتجاه الحكومات المعتمدة على النفط لتقليص الانفاق للتكيف مع تراجع أسعاره.

وبعد عدة سنوات ظلت أرباح البنوك تقفز فيها بفضل طفرة الايرادات النفطية التي شهدتها المنطقة بدأ يظهر تأثير الوعكة التي ألمت بسوق النفط.

كما أن المعايير المحاسبية العالمية الجديدة ستجعل الإقراض أكثر صعوبة بدءا من عام 2018.

وقال مصرفي يعمل في الإمارات “أيام الأرباح الكبيرة وخطط التوسع ولت. الآن أصبح الحديث عن نمو في خانة الآحاد والحد من التكاليف لأن القروض المتعثرة ستواصل ارتفاعها.

هذا هو الوضع الطبيعي الجديد.”

ويوضح بنكان من أكبر بنوك المنطقة مدى الصعوبة التي آلت إليها الأمور.

فقد قدر محللون أن البنك الأهلي التجاري أكبر بنوك السعودية من حيث قيمة الأصول رفع مخصصاته لتغطية القروض المتعثرة خلال الربع الأول بنسبة 58.8 في المئة لأسباب منها تأخر المدفوعات الحكومية لعملائه.

وتربط البنك صلات وثيقة بالحكومة ومجموعة بن لادن السعودية العملاقة للإنشاءات التي تأثرت مثل كثير غيرها من شركات البناء بركود في القطاع مع تباطوء إنفاق الدولة.

ومن أبرز علامات التباطوء مشروع مركز الملك عبد الله المالي في الرياض حيث تقف بنايات شاهقة الارتفاع لم يكتمل بناؤها بعد رغم مرور عام على موعد انتهاء العمل فيها.

كما أعلن بنك أبوظبي الوطني أكبر بنوك أبوظبي من حيث الأصول زيادة القروض التي تخلف أصحابها عن السداد في الفترة نفسها بنسبة 73.3 في المئة كما تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات وكذلك شركات كبرى مثل مجموعة الجابر والتي لها أنشطة من البناء إلى تجارة التجزئة والطيران.

وقد فر إلى الخارج الكثير من أصحاب الأنشطة الصغيرة المدينين.

وقال مسؤول مصرفي رفيع إن البنوك خسرت نحو 1.4 مليار دولار على مدار 12 شهرا حتى نوفمبر تشرين الثاني بهذه الطريقة رغم أن رئيس اتحاد مصارف الإمارات قال هذا الاسبوع إن عدد من يعيدون التفاوض مع البنوك يتزايد الآن.

ومن بين 26 بنكا اقليميا أعلن 69 في المئة منهم زيادة في نسبة القروض المتعثرة ويتوقع محللون ومصرفيون ارتفاعا آخر بسبب تراجع إنفاق الحكومة والمستهلكين.

– “دورة عادية”

تظهر تقديرات وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن حكومة أبوظبي خفضت الانفاق بنسبة 20 في المئة عام 2014 بينما توضح بيانات رسمية في السعودية أن السحب النقدي انخفض بنسبة ثمانية في المئة في مارس آذار مقارنة بما كان عليه قبل عام.

واستشهد مصرفيون بانخفاض في الدعم والبدلات وبالمنحة التي صرفت العام الماضي بواقع مرتب شهرين للعاملين.

وقال مصرفي كبير “ما من شك أن دخل المستهلكين القابل للانفاق سيضعف لفترة من الوقت. ثمة ضغوط من الديون المتعثرة. لا شيء يختلف عن الدورة العادية. لكن كل هذا يزيد الضغوط على النظام.”

وتتوقع مؤسسة ستاندرد آند بورز أن ترتفع الخسائر الائتمانية والقروض المتعثرة لدى البنوك التي تخضع لتصنيفاتها في السعودية إلى ما بين اثنين وثلاثة في المئة من إجمالي القروض خلال الأربعة والعشرين شهرا المقبلة ارتفاعا من نحو واحد في المئة الآن.

ومازال هذا يقل عن المستوى الذي بلغته البنوك الخليجية في أعقاب انهيار سوق العقارات في دبي عام 2009 وكان يبلغ نحو 4.5 في المئة.

كما تضررت البنوك من فقد الوظائف. فقد استغنت شركات الطاقة في أبوظبي وقطر عن وظائف وقررت مجموعة بن لادن السعودية الاستغناء عن نحو 70 ألف وظيفة أي حوالي ثلث مجموع العاملين فيها.

وفي محاولة لزيادة الربحية استغنت بعض البنوك عن موظفين ومنها بنك الخليج الأول في أبوظبي وبنك رأس الخيمة الوطني ووحدات تابعة لبنك الامارات دبي الوطني.

ويقول مصرفيون إنه رغم صعوبة استبعاد المزيد من التخفيضات في الوظائف فستركز البنوك أيضا على الحد من الاقراض لقطاعات من الاقتصاد تعتبرها عرضة لمخاطر أكبر مثل البناء وتجارة التجزئة.

ومع ارتفاع أسعار النفط يغذي إنفاق الحكومات الخليجية النمو الاقتصادي والإقراض ويعزز الإدخار الودائع المصرفية. أما الآن فإن الحكومات تعمل على سحب السيولة من البنوك لسد العجز في الموازنات الأمر الذي يفرض ضغوطا على نمو الودائع وخاصة في البنوك التي تربطها صلات وثيقة بالدولة مثل الأهلي التجاري وأبوظبي الوطني.

كذلك توقفت مشروعات حكومية كبرى من بينها أحدث مرحلة في مشروع الاتحاد للقطارات الذي تدعمه الدولة في الامارات لبناء شبكة للسكك الحديدية.

– خفض التصنيفات والضغوط المحاسبية

بلغت مستويات ملاءة رأس المال بالبنوك الخليجية نحو 18 في المئة في المنطقة العام الماضي أي أنها كانت أعلى من المستوى المطلوب بمقتضى معايير بازل 3 التي تبلغ ثمانية في المئة.

غير أن مصرفيين يخشون أن يؤثر أي تراجع في الجدارة الائتمانية للمقترضين على قوائمهم المالية إذ أن البنوك صاحبة شريحة كبيرة من ديون المنطقة.

وقد أدى هبوط النفط إلى خفض التصنيفات الائتمانية لبعض الحكومات والشركات التي تربطها علاقات وثيقة بالدولة ومن بينها بعض البنوك. فالتصنيف الائتماني الذي تمنحه ستاندرد آند بورز وموديز الآن للبحرين يقل عن التصنيف الاستثماري إذ أن البحرين عرضة للتقلبات بسبب ضآلة فوائضها النفطية.

وقالت سها أروجان المحللة المصرفية لدى ستاندرد آند بورز “مخصصات رأس المال المتعلقة بالانكشاف على الديون السيادية في القوائم المالية للبنوك مرتبطة بالتصنيفات السيادية ولذلك فإن أي تغيير في هذه التصنيفات سيكون له تأثيره.”

ومما يزيد الصعوبات معايير الإفصاح المالي الدولية 9 الجديدة التي ستغير أسلوب حساب البنوك للخسائر الائتمانية.

وتضغط السلطات التنظيمية في الامارات والبحرين وقطر والسعودية الآن بالفعل على البنوك بغرض التأهب لهذه اللوائح التي تهدف لتحسين مرونة النظام المصرفي وقدرته على استيعاب الصدمات.

وتعمل البنوك حاليا على زيادة المخصصات للقروض عندما يتخلف المقترضون عن السداد. وبمقتضى نموذج الخسائر الائتمانية المتوقع المزمع تنفيذه سيتعين على البنوك أن تسجل إمكانية حدوث خسائر في قوائمها المالية في مرحلة مبكرة جدا من دورة الإقراض.

كما سيتعين على البنوك الإعلان عن الأرباح بموجب قواعد جديدة بداية من عام 2018. لكن سيكون عليها أيضا أن تتبنى هذه المتطلبات داخليا من السنة القادمة حتى تستقيم المقارنات.

ومن المتوقع أن يكون لهذه القواعد التنظيمية أثر كبير على عمليات البنوك وذكرت وثيقة لمصرف الإمارات المركزي اطلعت عليها رويترز أنها قد تؤدي إلى زيادة متطلبات الإهلاك.

وقال مصرفي بحريني يشعر بالقلق “هذا سيجعل من الصعب علينا جدا أن نقرض أحدا دون تجنيب مخصصات ضخمة.

“فإما أن يكون رأسمالك كبيرا وهو ليس أمرا عمليا أو لا تقرض إلا المقترضين من الحاصلين على تصنيفات ممتازة وهو أمر ليس واقعيا في هذا المناخ.”